هذه الصورة التقتط يوم الاربعاء 21/5/2014 في حفل توزيع جوائز برامج انجاز لريادة الاعمال لطلاب المدارس. واظهر في الصورة بين مايزيد عن 40 طالب ومعلميهم من عدة مدارس.
على الرغم من انني لست من فاز بالجائزة الا انها كانت من اللحظات الجميلة في حياتي وانا اشاهد شباب المستقبل ينجز ويحصل على الجائزة فشعرت بالانجاز بعد التحدي.
بدأت هذه القصة منذ الشهر الاول لهذه السنة عندما تقدمت للتطوع مع مؤسسة انجاز بناء على نصيحة من احدى الزملاء وخاصة انني كنت احاول ذلك منذ عدة اعوام. كانت المقابلة الاولى مع فريق انجاز للتعارف وتحديد برنامج التطوع. وكان البرنامج الذي عرض علي اسمه “تحدي الاعمال” فشعرت ان به الكثير من التحدي خاصة عندما عرفت ان البرنامج يقدم لطلاب الصف العاشر بالمدارس الحكومية ويركز على ادارة الشركات وريادة الاعمال.
على الرغم من انني دربت في السابق مجموعات من طلاب المدارس بنفس الجيل، الا انني في البداية شعرت بالتخوف فعلى ماذا انا مقدم؟ لم ادخل مدرسة حكومية في الاردن من قبل! ولم اتعامل مع هذا العدد الكبير من الطلاب في صف واحد (ما يقارب 40)! ومعتاد على تدريس مواضيع التفكير الابداعي وريادة الاعمال للاطفال والشباب المبدع ومن لهم اهتمام بريادة الاعمال، لم اجرب ان ادرس من قبل لمن ليس مهتم ولافكرة لدية عن الموضوع. كيف ساتعامل مع الطلاب والمدرسين؟ ماهي المادة التي يجب ان ادرسهم اياها وما هي الامثلة التي يجب ان اسردها للطلاب ليستوعبوها؟ هل ساتمكن من انجاز هذا التحدي واوصل رسالة البرنامج للطلاب وانجح بزراعة التفكير الايجابي بينهم؟
على الرغم من ان فريق انجاز قدم المساعدة بالجلسة التدريبية للمتطوعين وتسهيل الزيارة للمدرسة والتعرف على الادارة الا انني اول يوم دخلت الى المدرسة دخلت متفحصا مستكشفا وكلي امل بأن أتمكن من احداث أثر في الجيل الجديد. بالصدفة كان أول من شاهدت طالب في الخارج والذي رأني احمل حقيبة انجاز المميزة بالوانها. فسألني لاي صف ستدرس وكان يتمنى أن يكون صفة. ولكني اعتذرت منه لانني لن ادرس صفة. وهذا الموقف زاد رهبتي من التحدي لانه يبدو ان للطلاب توقعات ايجابية عن متطوعي انجاز وبرامجهم.
اصطحبني الاستاذ الى الصف و بدات الدرس الاول بتحدي الطلاب التعرف علي وعلى عملي وخبراتي وكنت ارسم اجوبتهم في خريطة ذهنية على اللوح. ومن ثم بدأت بشرح اهداف البرنامج ولعبة الكومبيوتر التي سيلعبوها ويتنافسوا في تحدي الاعمال وتعلم اساسيات السوق.
كان من أصعب الاسئلة التي لفتت انتباهي في تلك الجلسة، هو لماذا تطوعت بوقتي لهذا البرنامج ولماذا اهتم بالطلاب؟ على الرغم من انني اجبت عليهم ولكن هذا السؤال اشار لي بان هناك خلل ثقة في مجتمعنا ويبدأ منذ الصغر. فعلى الرغم من عدم اعتراك الشباب للحياة الا انهم يشعرون انه لا يوجد من قد يهتم بهم الا ان كان له منفعه ذاتية يريد تحقيقها. وهذا ما نراه في مجتمعنا وليس فقط في مجال الاعمال. فكيف سيكون مجتمعنا في المستقبل عند تفشي عدم الثقة بين الاجيال وعدم ثقتة بان هناك قيمه للانسان والمستقبل افضل من المال والمصالح الشخصية. فيجب علينا تصميم وتنفيذ برامج لاعادة الثقة في مجتمعاتنا وأهمية الاجيال الصاعدة بناة المستقبل وليس فقط ثقافة التطوع. وهذا ما تعلمته من خلال تدريبي في برنامج المنظمة العالمية للشباب على التعامل مع الأجيال الجديدة واحترامهم لبناء الثقة بينهم وبين مجتمعهم حتى يتمكنوا من الثقة بأنفسهم وقدراتهم وضرورتهم لبناء المجتمع.
على الرغم من انني كنت احضر لكل درس الا انه في كل حصة ونتيجة لتفاعل بعض الطلاب كانت امثلة جديدة تظهر وكنت اطور طرق جديدة للتعامل معهم. فكان هذا تحد اخر هو ان اتوقع غير المتوقع من الطلاب الذين لا يتوقع المجتمع منهم الكثير. وكانوا دوما يبهروني باجاباتهم والتي تضاهي وتنافس اجابات الطلاب الذين ادربهم على مهارات الابداع، فهم مبدعون حقا ولكن لا يوجد اهتمام او توجيه حقيقي لمهاراتهم التي تضمحل مع الزمن.
وبعد 6 جلسات انتهى البرنامج ولعب الشباب بلعبة الاعمال وانجزوا الواجبات وشاركوا بالمنافسة على مستوى المدرسة والمملكة للمرحلة الاولى وتوقعت ان دوري قد انتهى وخاصة ان هذه اول تجربة لي في هذا البرنامج فلم اتوقع ان يتأهل احدى الفرق للمرحلة الثانية. ولكن بعد فترة وصلني اتصال من فريق انجاز لابلاغي بان احدى فرقي قد تأهل للمرحلة الثانية من المسابقة وقد حصل على المركز الخامس. لم اصدق ذلك وكررت السؤال ولكن كانت الاجابة بالتاكيد. وبذلك انتقلت للمرحلة الثانية من تحدي الانجاز بعد ان انجزت المرحلة الاولى مع الشباب، وبدأ تحدي الارشاد.
كان لقائي الاول مع الطلاب الفائزين شيق لاني بدأت اتعرف عليهم وعلى طموحاتهم وافكارهم. في اللقاء ناقشنا فكرتهم وتركتهم يفكروا ويقترحوا افكارهم وانا كنت أرسم امامهم الخريطة الذهنية لافكارهم عن المشروع الذي ينون تنفيذه. وبعد ان شرحوا لي مشروعهم بدأت بلفت انتباههم الى بعض النقاط التي ذكروها فبدأت افكارهم تتبلور ومشروعهم يتضح لهم.
في يوم الحفل والمسابقة، كان هناك عدد من المشاريع والمنتجات ذات العلاقة بمشروعهم فوضحت لهم انهم يمكن ان يستفيدوا من هذه المعروضات لدعم فكرة مشروعهم فقاموا بجولة وجلبوا افكارا لمشروعهم وهذا ما لم يتمكن طلاب الجامعه من استنتاجة في نفس الظروف. بل اكثر من ذلك، فقد أعجبت ان الشباب بداوا يحللوا الزبائن وما يريدون، فقد تمكنوا من ملاحظة اهتمام وزير التربية والتعليم وشاركوة فكرتهم بما يتناسب مع اهتمامه فاعجب بهم وبفكرتهم وحتى ذكرها في كلمته في الحفل.
اما عن انتظارهم وتدربهم على اللعب والقاء كلمة المشروع فكانت ممتعه لي لاني شاهدت مختلف ردود فعل التوتر وكيف تختلف من شاب لاخر.
اما فرحتهم بلقاء زملائهم في الاحتفال فكانت لاتوصف لانهم يريدوا الاحتفال معهم ومساندتهم. اما بالنسبة لي فكان لقائي بطلاب الصف مختلفة فحيوني واخذوا الصور معي.
وبالنهاية ازداد توترالشباب وانتظارهم ولكن كانت فرحتهم كبيرة عندما سمعوا اسم فريقهم ومدرستهم معلنا فوزهم في المركز الثالث على مستوى المملكة. وبدأ الاحتفال واخذ الصور وكانت هذه الصور.
اما بالنسبة لي فلاحظت اني تعلمت العديد من الامور من خلال هذه التجربة ربما اكثر من الطلاب انفسهم. فقد تعرفت اكثر على قدراتي وانجازاتي والتغلب على التحديات الجديدة.
عرفت ان المبدعون ليسوا دوما من يحضر لتعلم برامج التفكير الابداعي بل هم موجودون في الاماكن التي لانتوقعها فيجب علينا البحث عنهم.
بالاضافة لذلك بدأت اتعرف على هموم المدارس والطلاب والاساتذة والتحديات التي يواجهونها وكيف انهم على الرغم من كل هذه التحديات ينجحون بانجازات قد تنمي مجتمعنا في المستقبل.
اخيرا اتمنى للطلاب الاعزاء كل التوفيق في دراستهم وعملهم وتحدي انفسهم لينجزوا ما يرغبون. واتمنى ان اكون قد انجزت ولو قليلا في تحسين مستقبل عدد من الشباب.
فهذه هي الحياه مليئة بالتحديات التي نتعلم منها ونبحث عن الانجاز من خلالها.
اما بالنسبة لمحتوى البرنامج فلدي قصة اخرى لمقالة جديدة.
الاخبار الصحفية:
«إنجاز» تكرِّم المدارس الفائزة في المسابقة السنوية لريادة الأعمال